شبيه لجب "الموهد" الصدع ألانكساري  "العين الحارة"

 أهلا وسهلاً بكم مع الباحث الجغرافي والرحالة حمد العسكر في هذه الرحلة القصيرة

أخي القارئ أتمنى أن تسعد معي في هذه الرحلة القصيرة في ديار بني مالك المتاخمة للحدود اليمنية والتي سيكون التركيز فيها على ظاهرتين جغرافيتين فقط دون التطرق إلى الجوانب الأخرى كالحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد ... حيث سأفرد لذلك رحلة خاصة مفصلة.

       في هذه الرحلة سنقترب كثيراً من الحدود اليمنية في المنطقة التضاريسية الأشد وعورة على الحدود ... حيث تسكن تلك المناطق قبائل جنوب غرب الجزيرة العربية مثل بني مالك السعودية وبني خولان وآل عياش اليمنية ...  وسنبدأ كالعادة بالحديث عن الموقع .

1- الموهد ( شبيه لجب )

       الموقع الفلكي :

      يقع هذا الصدع الصخري عند تقاطع دائرة عرض N 17.16.895  بخط طول E043.13.636  في جهته الجنوبية  وطوله 1.5 كم فقط  ... وأما إحداثياته عند جهته الشمالية الشرقية فهي E043.14.068  -  N 17.17.287  .

صورة جوية لموقع الرحلة ... الدائرة الحمراء المكان الذي يقع به الصدع

    الموقع الجغرافي :

     يقع هذا الصدع ألانكساري في أقصى الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية في أراضي قبيلة بني مالك الواقعة على الحدود السعودية اليمنية ... إلى الشرق من جبال خاشر والعزة وإلى الشمال بقليل من العين الحارة ... وهو انكسار في الحافة الشرقية لأحد روافد وادي ضمد ... ويمكن الوصول إليه بسهولة عن طريق العين الحارة ... حيث أنه يقع على نفس الوادي الذي تقع فيه العين الحارة إلى الشمال منها بأقل من 3 كلم ... ولكن الكثير من الناس لا يعلم بوجوده لعدم شهرته ولكون طريقه يستدعي السير في مجرى الوادي .

     ويوجد صدع آخر أعظم منه وأكبر إلا أنه داخل الأراضي اليمنية وهو يرفد وادي ضمد ... وبإذن الله سأتطرق له في الرحلات الخارجية قريباً.

كانت أول مرة أرى فيها ذلك الصدع عام 1418هـ عندما كنت في زيارة لأحد زملائي في الدراسة من تلك المنطقة وهو الأخ العزيز سليمان بن جابر العزي المالكي ، والذي كانت زيارتي له طريقاً وباباً للتعرف على أمور كثيرة من ذلك الجزء الغالي من بلادي. حيث تعرفت على هذا المظهر وغيره كالعين الحارة وبعض القلاع القديمة التي يعود تاريخها إلى أزمنة مديدة وتعرفت أيضاً على عادات وتقاليد عريقة في تلك المنطقة وعلى أنماط سكنية غاية في القدم  ... الأمر الذي دفعني للقيام ببعض البحوث الاجتماعية والأمنية هناك ... والتي كان من أهمها البحث الذي كان يحمل العنوان ( القات والأسلحة عبر الحدود السعودية اليمنية دراسة جغرافية واقعية تعالج مشكلة التهريب بين قبيلتي ال عياش اليمينة وبني مالك السعودية ) ... فمن خلال ترددي بسبب ذلك البحث عرفت المنطقة معرفة تفصيلية وخاصة الشريط الحدودي الذي يقع عليه وادي ضمد الذي اسميته الوادي الأحفوري ... وبإذن الله ستكون هناك رحلة خاصة عن ذلك أطرحها في حينها بعنوان قهوة المهربين.

أعود إلى رحلتنا القصيرة والتي كان بصحبتي فيها أخي إبراهيم والصديق العزيز خالد الحقباني محاولين خلالها السير داخل هذا الصدع للوصول إلى طرفه الآخر

سأترككم مع الصور وسيكون التعليق أسفل الصورة.

صورة لمدخل الصدع ... أشرت بالسهم ليتضح أكثر لتقارب ألوان الصخور

    

هذه الصورتين بعد دخول الصدع بقليل حيث تكثر الحواف الصخرية المسننة

في الداخل  تصبح الأرض عبارة عن مجاري مائية ملساء تكثر بها الأحواض

يتسع في الداخل قليلاً وتزداد فيه كمية المياه التي تنبع من أسفل الصخور

في الداخل ازدادت كمية المياه وتغير اتساع المجرى

اضطررت أنا والأخ خالد السير في هذه المياه لمواصلة الرحلة نحو نهاية الصدع

في الداخل مررنا بالكثير من الأشكال والتجاويف الغريبة للصخور

سرنا حتى وصلنا هذه البركة العميقة لتقول لنا انتهى الطريق حيث صعب علينا اجتيازها بسبب البلل وتملس الصخر فأخذنا فيها بعض الوقت للسباحة

هنا عزمت أنا والأخ خالد على إيجاد طريق للمواصلة ... بينما الأخ إبراهيم عاد إلى السيارة ببعض الأغراض التي قد تثقل علينا فقررنا صعود إحدى الحافتين

وجدنا بعض طبقات الصخور التي سهلت لنا الصعود

صورة للأخ خالد أثناء صعوده الحافة الغربية للصدع

أثناء صعودنا التقطنا العديد من الصور لبعض النباتات التي خرجت من قلب هذا الصخر والتي كان من أبرزها شجرة العدنة

من النباتات هذا النوع من أنواع الصبار والذي يخرج بين الشقوق

نحن الآن في قمة الحافة سنسير حتى نهاية الصدع وهذه الصور الملتقطة من القمة لباطن الصدع

صورة من الأعلى للبركة العميقة التي اضطرتنا للصعود

صورة من الأعلى لأحد المشاهد في الأسفل حيث أحواض الماء

وجدنا الماعز والذي يصل إلى حيث لا نستطيع

وجدنا في الأعلى مجموعة من الأشجار والغطاء النباتي الأخضر

          عندما وصلنا إلى نهاية الصدع عدنا أدراجنا وركبنا سيارتنا لنذهب إلى الجهة الأخرى ... وبالفعل ذهبنا وكان الهدف تسجيل إحداثياتها من الجهة الشمالية الشرقية ...   ومع الأسف الشديد كان في أحدى نقاط حرس الحدود القريبة من المدخل الذي قصدناه والتي هي خلفا منه كان رجل أمن رفض أن يتفاهم معنا ورفض أن نصور ذلك المدخل علماً أننا لسنا على الحدود ... ليس لسبب وإنما لأننا غرباء على المنطقة ولأننا نتمشى وهو يعمل كما فهمناه من قوله ... امتثلنا لأمره ، فعدت مع الوادي وسرت بعيداً عن تلك النقطة بين الصخور لألتقط صوراً للمدخل .. فأخذ رجل الأمن يصرخ علينا من بعيد بقوله : ( ارجع أو أطلقت عليك النار ... ) فيا سبحان الله حز ذلك في نفسي كثيراً عندما رأيته يسيء التصرف معنا مستخدماً صلاحيات لا مبرر لها إلا أن يظهر الأمر والنهي في غير موضعه..  ومثل هذه الأمور تتكرر كثيراً حول تلك المناطق لست أعلم ألجهل أم لحاجة في النفس  .. علماً أن السيارة وأصحابها لا تحمل مظهر مهرب أو مجرم .. بل يعرف أننا سياح في أرض وطننا... فلا عجب عندما مررت بآخر وحاول مصادرة جهاز GPS وعدسة الكاميرا لعدم معرفته ماهيتها. أتمنى أن يخلص كل رجل أمن ومواطن لبلده وأن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

هذه الصورة اليتيمة والوحيدة التي صورتها وسجلت عندها الإحداثيات للجهة الشمالية الشرقية بعد التهديد الذي وجه لنا

----------------------

2- العين الحارة ( بني مالك )

بعد أن انهينا رحلتنا في صدع الموهد ... توجهنا جنوباً قرابة 3 كلم تزيد أو تنقص قليلاً حتى وصلنا إلى العين الحارة التابعة لبني مالك الجنوب

العين الحارة : هي مياه تنبع من مناطق عميقة من جوف الأرض قد يزيد عمقها على 1200م ... وغالباً ما تكون مياهاً كبريتية أو مختلطة ببعض المعادن حسب نوع الصخر الذي تنبع منه أو تمر به ...

ويوجد في بلادنا العديد من العيون الحارة وقد مررت بحوالي ست منها ...

والعين الحارة في بني مالك لقيت اهتماما أكثر من الأخريات ولعل السبب لكبرها وزيادة كمية مياهها وشدة حرارتها ... والمياه الحارة قد تكون سبباً في معالجة بعض الأمراض وخاصة فيما يتعلق بالمفاصل وآلام الركب والظهر... ويجب على المسلم عدم الاعتقاد فيها كما يفعل البعض فالشافي هو المحي والمميت سبحانه وتعالى.

وفي آخر هذه الرحلة سأترككم مع هذه الصور من العين الحارة في بني مالك مع بعض التعليق أسفل الصورة ورسالة موجهة

صورة عند مدخل العين وتوضح موعد الزيارات الرسمي لها

صورة من الداخل لحوض الاستحمام الذي يقلل من حرارة المياه والذي يشير إليه السهم الأصفر .. راعيت في الصورة مشاعر الزوار لذلك أخذتها من بعيد  ... والسهم الأحمر يشير إلى موقع خروج المياه الحارة من جوف الأرض

صورة لمكان خروج المياه من الأرض وهي شديدة الحرارة تقارب درجة الغليان

مصلى وضع للصلاة داخل الموقع

دورات مياه ومراوش رديئة للاستحمام .. السهم يشير إلى مكان العين

عند مدخل العين يوجد هذان المظهران اللذان يعكسان صورة جلية لبلدية محافظة الداير وهيئة السياحة

الصورة إلى اليمين مرمى النفايات الذي يمر عليه الشهر والشهران دون تنظيف ... حيث جلب الذباب والروائح الكريه للمكان ...

الصورة إلى اليسار ... متخلف "مجهول" يعمل بطريقة غير نظامية في بوفية عند المدخل ... أحذر كل من ذهب هناك أن لا يتعامل معه ... فقد رأيناه بأنفسنا وهو يخلط الطعام ببقايا أنفه فخاطبناه بأدب واحترام ( ليه يا شيخ ) فما كان منه الجواب إلا ( تبغى والا روح ) رددنا عليه فأجب بقوله : ( انقلع ) ... فسبق إليه الرد الذي لن ينساه قبل أن يتم كلامه ... وكدنا أن نهلكه  لولا تدخل الموجودين عفا الله عنا وعنه ... ولومي لصاحب المحل وللبلدية الفاشلة التي لا تنظر إلى المشكلة إلا بعد أن يتسمم العشرات...

إلى البلدية المعنية وهيئة السياحة ... هل يليق بكما أن تمثلا نفسيكما من خلال الصورتين أعلاه ... كجهتين مسئولتين عن السياحة في بلادنا ...

الجواب خلاف الواقع والله المستعان

إلى هنا أصل وإياكم إلى نهاية هذه الرحلة القصيرة وترقبوا بإذن الله قريباً مجموعة من الرحلات التي أنتظر الوقت لتنسيقها ورفعها وأعتذر عن تأخر رحلة ( الوادي يفقد أنفاسه الأخيرة ) ولكن بعون الله قريباً سأطرحها بالإضافة إلى فتح قسم خاص للرحلات الخارجية

من أكثر الأشياء التي تعجبني في تلك المناطق

    تقبلوا تحيات أخوكم الباحث الجغرافي والرحالة  حمد العسكر وإلى اللقاء