جبل القهر زهوان ( إخطبوط الجبال ) رحلة مع الجن بين الواقع والخيالالجزء المفقود ( عودة للوراء ) أرجو المعذرة في طرح هذا الجزء متأخراً عن الرحلة ... بسبب فقداني لمجلد الصور القديم الذي حفظته على حاسوبي عام 1423هـ وتنقل هذا المجلد من جهاز لآخر حتى فقدته وهذا يخص الأجزاء الشرقية من الجبل وبدايات دراستي له... ويحكي أجمل أيام قضيتها في الجبل مجبراً بسبب حبس الأمطار لي هناك ، مع أكرم وأجود من رأيت في تلك المنطقة ومع عادات وتقاليد وأكلات خاصة .. بعد جهد وبحث مضني لم أجد الصور التي تزيد على 1500 صورة تخص تلك الأجزاء الشرقية من الجبل وتصور وادي لجب من الأعلى .... ولحسن الحظ وأنا مستلق البارحة أتذكر حادثاً وقعي لي في اليمن لقيت فيه سيارتي - التي ستصاحبنا في الرحلة - الرانجلر 2002 حتفها وهي في سن الزهور لم يمضي لها معي سوى 17 شهرا بأعلى منطقة في آب تسمى سمارة .. والحمد لله خرجت أنا ورفيق الدرب خالد سالمين معافين .. تذكرت أني بعد الحادث جمعت أغراضي المتناثرة في كيسة - خيشة - ولما عدت إلى وطني رميت بتلك الكيسة في عربة قلص بقيت ذكرى لتلك السيارة في حوش بيتنا ... وكان من تلك الأغراض أشرطة فيديو رقمية فيها خليط لرحلة 10.000 كم بالسيارة مررنا خلالها بالإمارات وعمان ثم دخلنا اليمن من الشرق مروراً بسيؤون وتريم ومأرب وصنعاء حتى وصلنا غرباً حيث وقع الحادث ... وتذكرت أنه كان مع تلك الأشرطة تسجيل خاص بالجهة الشرقية من جبل القهر ... الأمر الذي دفعني لسحب بعض صور من تلك الأشرطة ... لتلك المنطقة وأكمل هذا الجزء من الرحلة. ومع الأسف الشديد كل هذه الصور بعد سحبها من مصدرها قلت جودتها وتعذرت معالجتها فخرجت رديئة ولكنها قد توفي بالغرض ... أتمنى أن أوفق في طرح هذا الجزء بالشكل الأمثل . أهلا وسهلا بكم في هذا الجزء سنتناول أول رحلة لجبل القهر باختصار ثم ما تبعها من رحلة أخرى شملت الأجزاء الشرقية للجبل وظاهرة موت غابات العرعر... وحبس الأمطار لي في الجبل أربعة أيام قضيتها مع مجموعة شبان من أهل المنطقة .... بلغوا درجة عالية من الكرم والأخوة والصدق والوفاء ... وكان البعض منهم أول مرة يشاهد فيها كاميرا الفيديو وسيارتي الرانجلر. وسنلتمس رقصة من عاداتهم - عرضة - فيها من الرموز والمعاني الكثير الذي لا يفهمه إلا أصحابها.
موقع الرحلة في جبل القهر ( زهوان ): بدأت الرحلة في بداية العام 1422هـ ... نحو الأجزاء الشرقية من الجبل والتي تطل على وادي لجب من الأعلى .... وفي الصورة الجوية التالية نشاهد موقع الرحلة.
المرة الأولى التي صعدت فيها الجبل 1422هـ : لم تكن سيارتي الددسن 97 قادرة على صعود الجبل .... الأمر الذي دفعني لإيقافها قرب بنشر في محافظة رخية ... وحملت معي متاعي القليل ... وكنت أنوي الصعود والاستكشاف ليوم واحد وأعود ... كان في صحبتي الصديق عبد الله الحقباني الأخ الأكبر لخالد.. ووقفنا عند بداية العقبة تحت شجرة كبيرة حتى مر بنا شاب بسيارة عجيبة تعبر عنها الصورة أسفل ... وأخبرته بغايتي ولما صعدنا حلف أيماناً أن يضيفنا .... ولعل في تلك الفترة كان قليل من الغرباء يصعد هذا الجبل ... فلذلك كان السكان يصرون على الضيف إصرارا لم أرى له مثيلا ... خلافاً لليوم حيث أدى وصول الطريق المسفلته لمركز الريث إلى كثرة الزوار حتى ألف السكان الغرباء ... وفعلاً ذهبنا معه وغابت الشمس ونحن عنده وذبح لنا تيساً كأنه الضبي ... وتعشينا عنده وبتنا ليلتنا عنده ... ولم يقف الحد عند ذلك ... أخبرناه برغبتنا في المشي على الأقدام ... فحلف أن يمشينا بسيارته الكشف ... وفعلاً أخذنا جولة سريعة ذلك اليوم مررنا خلالها ببداية رافد لجب الغربي .. وأجزاء حوله ثم عاد بنا إلى أسفل الجبل... كانت الرحلة قصيرة ... ولكنها رسخت لدي فكرة العودة وبحث المنطقة ... ولكن بعد شراء سيارة تساعد على عبور ما رأيناه.
العودة بعد أشهر للجبل : بقية لصورة الجبل والبساطة التي رأيتها صدى في ذاكرتي دفعني للعودة بعد أشهر .... وفعلاً عدت بعد أن اشتريت سيارة اخترتها بين كل السيارات لتكون الأفضل في الأداء في مثل تلك المناطق وكان في صحبتي ابن عمي لي اسمه فهد ... بدأت الرحلة في صيف عام 1423هـ ... حيث صعدت الجبل ... وبينما كنت أسير لفتت سيارتي انتباه شابين ... فأوقفاني ليسألاني عنها ... فدار بيننا الحديث الذي لم يمل حتى تحول إلى جلسة شاي صنعتها ... فتبعها إلحاح منهما علي بالسمر والسهر معهما ... وأخبراني بأنهما الليلة سيقضيان ليلة سيجتمع معهما ثلاثة آخرون .... وأني سأكون ضيف شرف بينهم لتغير الروتين الممل ... أحببت الفكرة ... ووافقت بهدف التعرف عليهم عن كثب والحصول على ما أريد من معرفة حول حياتهم الاجتماعية ... سرنا لبيتهم الحجري المتواضع ... وصلينا العشاء ثم جاء الأقارب .... وتبادلنا الحديث ... وكان البعض يعجب لأمري وما يرونه معي من أجهزة لأول مرة يشاهدونها مثل كاميرا الفيديو وجهاز الجي بي سي والمحمول ... ومصابيح الشحن الأربعة التي تركتها عندهم عربون محبة ووفاء ... والكاميرا الرقمية التي تصور المشاهد الليلية ... لحظات وفوجئت بالعشاء الذي كان يعد خلف الغرفة دون علم مني وكان عشاء رسمياً ... قصد به تكرمي كضيف نزل بأرضهم عليهم. ... بعد العشاء أبديت لهم عدم رضاي عن الكلفة ... قالوا لي هذا واجب ونحن نريدك غداً في جولة معنا فقررنا أن ننهي الواجب الليلة ... وغداً أنت واحد منا ... يقصدون البساط أحمدي ... واللي تبيه ابشر به. أحببتهم كثيراً ... وفعلاً اليوم التالي : استيقظت من النوم ... وإذا بهم قد أعدوا عدة لرحلة غداء أرادوها مفاجئة لي ... وفاجئوني بقولهم ... - جب معك التصوير وخل السيارة واقفة ... خشية عليها من الوعورة - .. فطلبتهم أن أرافقهم بالسيارة كاملة بما فيها .. وفعلاً اتجهنا 3 سيارات نحو شرق الجبل .... ركب اثنان معي والباقي في السيارتين... ما أن وصلنا إلى أقصى ما تصل السيارة شرقاً حتى هم الجميع بالحفر والدفن والذبح والطبخ ... وحلفوا يميناً علي أن لا أعمل وأساعد .. حتى أني منعت بالقوة .. وقالوا أنت صور فقط .... - وتشبح في المناظر - وما هي إلا لحظات وإذا العاصفة تأتي وتنهمر السماء لساعتين من المطر ... ولحسن الحظ كانوا قد اختاروا مكاناً قربه كهف ... خرجنا منه بعد المطر وإذا بالحنيذ قد نظج والسماء في غاية الجمال ... والشلالات في السفوح من كل الجهات لها صوت عظيم خرير مرتفع، جعل منه الصدى أزيزا في الجبال. اشتغلت أنا بالتصور بينما هم يعدون الغداء .... ولكن مع الأسف الشديد فقد مني ذلك الكنز من الصور ... وما زلت أتحسر عليه ... لكن سأترككم مع هذه الصور البسيطة التي سحبتها من أشرطة الفيديو واعذروا لي رداءة الوضوح.
في العصر توجهنا جميعاً إلى مطل آخر ... عرضت عليهم المبيت هناك فقبلوا .... واجتهدت في طلب تلفاز وبالفعل كان يوجد واحد عند الأخ قاسم ذهب فأحظره وكان معي محول كهرباء ... وكان هدفي من ذلك تلبية رغبة الطفل عبد الله في أن يشاهد صوره على الشاشة ... وبالفعل حققت أمنيته ... وكان الكبار كذلك في شوق وفرح لذلك ... ولما شاهدوا صورهم لأول مرة على الشاشة ... ضحكوا وعلقوا وقالوا جميعاً لم نتوقع هذه اللحظة ولم تخطر على بالنا في يوم من الأيام. ولن ننسى هذه الأيام معك يا أخ حمد .... لم نسعد في طلعة قبل هذه كما سعدنا معكما. فزادني ذلك الكلام تواضعاً ومحبة لهم. في اليوم التالي وبعد أن زادت الألفة والمحبة ... كنت أحدثهم حديثاً من أعماق القلب ركزت فيه على حثهم على طلب العلم ومواصلة الدراسة ... حتى لو اضطروا النزول من الجبل ... لأني لاحظت جلهم قد ترك المدرسة بل بعضهم لا يجيد الكتابة ... وفي الواقع شكا لي البعض بأن سبب تركهم للمدرسة هو قسوة الحياة وقسوة المعلمين عليهم وطول فترة الدراسة لأن لديهم أعمال أخرى كالرعي وما شبه ... والحقيقة تمنيت أن يكون لوزارة المعارف آن ذاك نظرة خاص في طريقة التدريس ووضعيته في تلك المدارس ... فهم لا يناسبهم ما يناسب أهل المدن في فترة الدراسة وزمن الحصص ... فمن المفروض أن يكون وضع وكيفية الدراسة صالحة للمكان وطبيعة الناس ، وأن يكون المعلمون على فهم بحقيقتهم وحياتهم الطبيعية. من العادات والتقاليد التي أحبوا أن يقدموها لنا عرضة خاصة بهم فيها الكثير من الحركات والرموز التي ذكروا لها معاني كثيرة ترمز عندهم للكرم وتحية الضيف والمعاهدة والوفاء وغير ذلك من صفات الرجال. وإليكم صور لتلك العرضة التي تميزت بخفة الحركة ولمس الأرض بأطراف الأصابع فقط ... وفيها يقابل كل فرد الآخر ويتحاور معه بشدو وأبيات صعب علي فهم معاني كلماتها.
تقبلوا تحيات أخوكم حمد العسكر وإلى اللقاء في العشش قرى نسيها الزمان
|