بسم الله الرحمن الرحيم

"منغوليا" رحلة إلى المجهول من بقاع الأرض

المرحلة الثانية : من العاصمة إلى أرض Amarbayasgalant الوادي الجميل

 

 

     خرجنا من العاصمة المنغولية أولان باتور متجهين نحو الشمال وفق خطة سير رسمتها مسبقاً .. والجدير بالذكر أنه بعد خروجك من العاصمة بمسافة معينة ومن جميع الاتجاهات تنقطع الطرق المسفلتة وبالتالي سوف تكون الطرق البرية هي السمة الأبرز طوال الرحلة لخط السير ... بل وبدون مبالغة أكثر من 95% من الطريق هي خطوط برية غير معبده أصلاً ... وإن كنت أرى أنها أفضل من بعض الطرق المكسرة في كثير من الأحيان ... 

فقط نشاهد الإسفلت أثناء دخول بعض المدن الصغيرة والقرى التي سيمر معنى البعض منها ...

    لذلك حتى تكون معي في رحلتنا هذه ... فإن كثيراً من مسار الرحلة مرسوم بشكل عفوي لا علاقة له بالطرق فجهاز الملاحة GPS وطبيعة الأرض وتناثر البدو المغول ومقدار ما نحمله من وقود هي العوامل التي أثرت كثيراً في مسار الرحلة .. لذلك سنطأ أراضي لم يسبق بأن شوهدت فيها سيارات على الطبيعة وأخرى يسكنها أناس هم في عزلة تامة عن العالم من حولهم.

ومناطق أخرى بالعكس تأثرت ببعض الحضارة حيث وصلتهم السيارة والطاقة الشمسية والأطباق الفضائية والألعاب وغيرها رغم وجودهم في مناطق نائية. والكهرباء والاتصالات وكل ماله علاقة بالحضارة والصناعة الحديثة لا وجود له في كثير من الأراضي المنغولية.

 

  خريطة منغوليا توضح خطة سير الرحلة .. الدائرة الحمراء هي وجهتنا الأولى بعد خروجنا من العاصمة بمسافة 380كم

 

على جانب الطريق بعد الخروج من العاصمة بقليل .. محدثكم يحييكم من السيارة التي استأجرها

 

صورة للشاب المنغولي الذي رافقني في رحلتي

 

قبل أن أبدأ هذه المرحلة سوف أتحدث بشيء من الإيجاز عن هذا الشاب ... الذي كان اسمه "رافيجكس"

     هذا الشاب بدأت معه اليوم الأول بشيء من الترحيب البسيط من خلال ما لدي من لغة ركيكة وكان أول ما عرضت عليه أن اسميه باسم سهل النطق بدل من اسمه ثقيل النطق .. وسألني ماذا تسميني فقلت له سأطلق عليك اسم علي . سألني لماذا ؟ فقلت اسم سهل وقصير ولأن اسم أخي علي وجميل أن أناديك به. فنظر إلي بشيء من السرور والفرح قال يعني أنا علي مثل أخيك ؟ قلت نعم أنت ستكون أخي علي ... وسوف يكون بيننا أيام وذكريات .. ونتعرف على بعضنا أكثر ...

    هذا الشاب الذي سميته "علي" .. يتحدث اللغة الروسية والصينية قليلاً إضافة إلى لغته والإنجليزية .. ليس له دين يعيش ويتعامل ويعمل بفطرته .. وهو شديد الذكاء وسريع الحفظ والفهم ... تعلم مني أكثر من 50 كلمة عربية ولم أتعلم منه كلمة منغولية واحدة ، علمته أمورا كثيرة منها الطبخ العربي "الكاتم - المضغوط " وأمور عامة خلال مرافقته لي الرحلة ... ضحكنا كثيراً على مواقف متعدد وتشاركنا الرحلة بكل ما فيها من جمال وعظمة تتجلى في خلق الله ... وسوف يمر معنى خلال الرحلة شيء من ذلك وكيف عاد علي إلى العاصمة إنساناً آخر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ... أسأل الله أن لا يكون ذكري لهذه القصة رياء أو سمعة .. بل نقلاً لحقيقة أحتسب أجرها عند الله ولغاية معينة، فوالله ما بذلت جهداً في هدايته بقدر ما أراد الله له الخير ثم ما دلت إليه فطرته من البحث عن الحقيقة والنور ومعرفة الله سبحانه وتعالى.

 

 أعود بكم إلى مسار الرحلة

 أترككم مع بعض الصور وشيء من التعليق من الطريق إلى وجهتنا نحو أرض Amarbayasgalant  الوادي الجميل

 

 

 

 

صورة لبعض القرى من ضواحي العاصمة

 

 

 

سكة القطار أثناء خروجنا من العاصمة

 

 

 

 

 

 

إحدى محطات الوقود الحديثة على الطريق ...

 

 

سعر الوقود مرتفع جداً فلتر البنزين الواحد يساوي ما يعادل 6 ريالات

 

هذه راحلتنا التي لم تكل أو تمل رغم ما أصابها من العناء والتعب مستعدة لخوض رحلة طويلة المسار

 

سيارة الشرطة الوحيدة التي شاهدتها في منغوليا ...

 

     والجدير بالذكر .. منغوليا من أكثر الدول أمناً في العالم ، دولة شبه خالية من المشاكل والمنازعات ، وذلك عائد لقلة سكانها وكبر مساحتها، والتركيبة السكانية ونمط الحياة العام والذي يغلب عليه البداوة و الترحال  ... ولا أعتقد أن ذلك سيتمر طويلاً فقد رأيت تسارعاً جنونياً يغزو تلك الديار من انفتاحية عالمية وسياحية وأطماع صينية وروسية مقابل فقر وضعف تلك الدولة اقتصاديا وسكانياً، وغناها بالثروة الطبيعية والحيوانية والمعدنية. فالحقيقة أني ما رأيت إلا أرض مترامية الأطراف كبيرة جداً قليلة السكان تلفت بكوريتها أنظار من حولها.

 

 

توجد شبكة من الطاقة تغذي المناطق والقرى القريبة والهامة

 

حتى الخيام المغولية "جير" تحض بشيء من الطاقة

 

هذا الطريق الرئيس بعد خروجنا نحو الشمال قبل أن نصل إلى نهايته

 

مناظر من جوانب الطريق

 

 

بعض مساكن البدو المنغوليين

 

عظمة الله تتجلى في خلقه

 

 

 

 

 

منازل من إحدى القرى القريبة من العاصمة

 

 

منزل مبني من الخشب جوار الطريق

 

الخضرة تكسو كل شيء

 

 

أسوار المنازل والحظائر تبنى من الخشب

 

 

استخدام الطاقة الحرارية في تسخين المياه

 

 

 

 

 

قطعان من الأغنام تنعم بخير وافر من خالقها سبحانه سبحانه وتعالى ...

 

سوف يمر معنا لاحقاً بعض الحقائق عن الثروة الحيوانية في منغوليا

سبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته

 

متى ما وجد الماء وجدت الحياة

 

بدأنا نبتعد كثير عن العاصمة وبدأت الأرض تتزين بابهى حلة حباها الله

 

عظمة الله تتجلى في خلقه

 

 

صورة من الطريق

 

 

 

على الطريق مررنا بهذه اللافتة والتي توضح مفرق وجهتنا نحو الوادي الذي أردت أن أقصده ...

وبدا لنا بأن فيه معلم مميز ودير قديمة من تراث البوذيون في منغوليا

 

تركنا ورائنا كل الطرق المعبدة لنبدأ قصة طويلة مع دروب وطرق غير ممهدة يزيل جمال الأرض حولها مشقة عنائها

 

تلفت الانتباه مساحات واسعة باللون الأصفر ما أن تقترب منها حتى تجدها زهور ونباتات عطرية

 

صورة للطريق البري نحو الوجهة

 

        لا أنس أن أذكر لكم تلك الروائح العطرة والزكية التي تفوح طوال الطريق ...

ناهيك عن ذلك التأمل في جمال المنظر الذي تكاد أن تخضر له الأعين ... فلا يسعك إلا قول سبحان الله العظيم

 

 

 

جداول من المياه الجارية تقطع الطريق كل حين وتشكل شيء من وعورة الطريق

 

 

من حين إلى آخر نرى الرعاة المغول يتجولون على خيولهم خلف قطعانهم الجميلة

 

سهوب وأرض ممتدة لا تكاد تنتهي من الجمال الذي يعجز عن وصفه اللسان

 

سيارة روسية قديمة المسافرين نحو قراهم ومساكنهم

 

 

منزل خاوي على الطريق

 

رجل يجر بدراجته عربة حمل الحليب

 

هنيئاً للطيور في هذه البراري

 

جدول آخر يقطع الطريق ليزيده جمالاً وحسناً

 

مجموعة من الخيول البرية ترعى وتتجول بحرية لا حدود لها

 

 

 

تتميز الخيول المنغولية بقصر قامتها وقوة تحملها

 

الخيل في هذه البلاد أعدادها أضعاف أعداد السكان ولا مجال لحصرها

 

وأعتقد والله أعلم أنها تكاثرت بعد أن تركها المغول القدامى ،حيث كانت الجيوش في عهد جنكيز خان ، فسبحان مغير الأحوال ومقلب القلوب

 

محدثكم مبتهجاً أمام العدسة عند الوصول قبيل الغروب إلى هذا الوادي الجميل

 

في البداية نصبت خيمة لي ولمرافقي قرب مجموعة خيام مغولية من أجل قضاء ليلنا القصير البارد الذي لا يتجاوز 6 ساعات ..

 

      إلا أننا لم نبت فيها فقد زرنا تلك المجموعة من الخيام التي أعددت للزوار والسياح على ما أعتقد ..  فبعد لحظات من زيارة ذلك المخيم وجدت نفسي أستأجر منهم خيمة جميلة مجهزة بالحطب والأسرة والدفء ... وما شجعني أكثر كونها رخيصة الثمن فلم تتجاوز 10 دولارات لليلة .. وعدم وجود سياح أو مستأجرين باستثناء أسرتين منغوليتين .. الأمر الذي جعلنا نترك خيمتنا منصوبة لوحدها حتى اليوم التالي علها تفقد أو تطير فلا نلجأ لها مرة أخرى. إلا أنها صمدت.

 

هذه خيمتنا التي سنبيت فيها ليلتنا الأولى في هذا العراء الواسع والمترامي الأطراف

 

في الداخل موقد للتدفئة والطبخ

 

وسريرين للنوم

 

ومجموعة أخشاب للتدفئة وغيرها المزيد بالخارج

 

ليلة جميلة قضيناها تشابه إلى حد كبير ليال البدو المغول التي سوف تمر معنا لاحقاً

 

أحد البرامج الجميلة على جهاز الاتصال يحدد لك اتجاه القبلة بدقة مستخدماً الأقمار الصناعية فقط.

 

في اليوم التالي

حيث النهار طويل خرجنا من خيمتنا عند الساعة التاسعة تقريباً لنبدأ جولة على الأقدام في وحول المكان فإلى هناك من خلال الصور

 

أحد الجوارح يحلق بحثاً عن بعض القوارض الصغيرة

 

صورة لحمى المخيم المصنوع من الخشب المحلي المقطوع من الغابات في التلال المجاورة

 

أينما تلتفت ببصرك لا ترى سوى الطبيعة الخلابة

 

والروائح الزكية

 

والحياة القديمة

 

خيام أخرى مغلقة فما من مستأجرين ولا سياح

 

 

بناء من مباني البوذية الذين يشكلون قرابة 53% من السكان

 

من أبرز المعالم المعمارية القديمة في هذه المنطقة مجموعة معابد ودير قديمة

 

 

في أعلى التل المشرف على منطقة الوادي الواسعة يوجد هذا المعبد البوذي القديم

 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه .... ) والله المستعان

 

 

سلم يمتد إلى موقع المعبد أو ما يسمونه بالدير

 

قال تعالى : ( هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )

 

في الجوار بعض حظائر الماشية

 

أحد الجداول الجارية يضفي جمالاً على جمال الأرض

 

من سكان المنطقة يمتطي صهوة جوداه مسرعاً

 

 

 

صورة من وسط هذا الوادي الفسيح

 

 

 

 

 

خيمتنا في اليوم التالي وهي تلاعب الرياح قبل مغادرتنا بقليل

 

محدثكم لم يكل أو يمل وهو يسير على قدميه متأملاً عظمة الله تتجلى في خلقه

 

 

      صورة أخيرة من الموقع بعد أن أخذنا جولة في المكان قمنا بإعداد وجبة الغداء وسط الأجواء المنعشة والمناظر الخلابة ...

وبعدها بدأنا بالتحرك لنواصل الرحلة وفق خطة السير التي رسمتها سائرون على بركة الله نحو الوجهة التالية

 

كانت هذه المرحلة الثانية من الرحلة  .. والآن ننتقل إلى المرحلة الثالثة من الرحلة بالضغط على الرابط التالي

 

المرحلة الثالثة : من أرض Amarbayasgalant إلى بركان Uran togoo

 

سبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته

اللهم أغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات

 

اضغط هنا للعودة إلى الصفحة الرئيسة