بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ... أما بعد
أهلا وسهلاً بكم مع أخوكم حمد العسكر في رحلة جديدة من رحلاته أنقلكم من خلالها إلى جزء من هذا العالم الفسيح الذي يخلط بين الماضي والحاضر وبين الطبيعة والبشر وبين اللغات والألوان ... إلى رحلة سريعة ومختصرة إلى ( تنزانيا .. ومملكة العرب المفقودة .. جزيرة زنجبار ) أخي القارئ هذه الرحلة لا تلم بجميع الجوانب الطبيعية والبشرية في تنزانيا .. وإنما هي لمحة سريعة تمكنت من رسمها لجزء من تنزانيا وجزيرة زنجبار أخي القارئ هذه ليست دعوة مني للسياحة أو السفر بقدر ما هي عرض لما شاهدته هناك * * * صحبني في هذه الرحلة الأخ والصديق العزيز الشاعر حمد العمار الذي كان له طابع جميل وفريد من نوعه * * * أولا : ماذا نعرف عن تنزانيا
تكونت جمهورية تنزانيا من اتحاد تنجانيقا وزنجبار، على أثر
المذابح الدامية التي وقعت في زنجبار في سنة 1384هـ - 1964م.
وتنزانيا اسم لمملكة قديمة قامت بهذه المنطقة، وكانت تنجانيقا
وزنجبار القسم الأكبر من سلطة آل بو سعيد الإسلامية في شرقي
أفريقيا، وتكالبت عليها القوى الاستعمارية في الربع الأخير من
القرن الماضي، فتآمرت بريطانيا وألمانيا وفرنسا على أقسام شرقي
أفريقيا فيما بينهم، فوقَّعت كل من بريطانيا وألمانيا معاهدة في
سنة 1304هـ - 1886م، لاقتسام المنطقة بينهما، فأخذت ألمانيا
تنجانيقا.
الموقع : توجد تنزانيا في شرقي أفريقيا، إلى الجنوب من دائرة العرض الأولى جنوبي الاستواء، وحتى دائرة العرض (12 ْ جنوبًا)، وفي شمالها كينيا وأوغندا، وفي جنوبها موزمبيق وملاوي وزامبيا، وفي شرقها المحيط الهادي، وفي غربها زائير، وفي شمالها الغربي رواندا وبورندي، وتبلغ مساحة تنزانيا 954087 كم2 (تنجانيقا 942.627 كم2، وزنجبار 2460 كم2) وسكانها سنة 1408هـ 1988م، 24726000 نسمة، والعاصمة دار السلام على شاطئ المحيط الهندي، ولقد بدأت السلطات في تخطيط مشروع لعاصمة بديلة في الداخل في بلدة (دو دو ما) في المنطقة الوسطى من البلاد، وهذا لإخراج العاصمة من منطقة التكتل الإسلامي في شرقي تنزانيا، وتصل نسبة المسلمين حوالي 24% كما تشير المصادر الغربية، أي نحو خمسة ملايين، بينما تذكر المصادر الإسلامية أن نسبتهم أكثر من 62.5% أي حوالي (15,4 مليون) وأهم المدن دار السلام، وموانزا، وتانجا، وتنقسم تنزانيا إلى 25 مقاطعة. والذي يظهر والله أعلم من خلال المشاهدة والاطلاع وانتشار المساجد في تنزانيا إضافة إلى التقارير الحديثة أن نسبة المسلمين تصل إلى حوالي 69% ولله الحمد.
خريطة توضح موقع تنزانيا البيئة : تمتد أرض تنزانيا من المحيط الهندي شرقًا على شكل شواطئ رملية وشعاب مرجانية ومستنقعات تنمو بها غابات المنجروف الساحلية، ثم سهل يمتد بطول سواحلها، ويبلغ أقصى عرض له في المنطقة الوسطى إلى الغرب من مدينة دار السلام، ثم يلي السهل من الغرب هضبة متوسط ارتفاعها ألف خمسمائة متر، تنتشر فوقها الجبال البركانية مثل كليمنجارو أعلى جبال أفريقيا، ويقع قرب منطقة الحدود بينها وبين كينيا، وجبل أوزبارا ولفنجستون، ويمر بها الأخدود الأفريقي، وتضم تنزانيا مسطحًا عظيمًا من البحيرات العذبة، تزيد مساحتها على ثلاثة وخمسين ألف متر منها نصف بحيرة فيكتوريا ونصف بحيرة تنجانيقا، وقسمًا من بحيرة ملاوي (نياسا سابقًا) وعددًا من البحيرات الصغيرة، وأبرز أنهار تنزانيا روفوما ويشكل الحدود بينها وبين موزمبيق، ونهر روفيجي، ووامي وبنجاني. المناخ : ينتمي مناخ تنزانيا للنوع المداري الرطب، ولكن اتساع رقعتها وتضرس أرضها جعلها تضم أنماطًا متعددة من المناخ،
السكان : يتكون سكان تنزانيا من أكثر من مائة وعشرين قبيلة ينتمون إلى العناصر الزنجية والحامية، ومن أبرز العناصر بانتو الوسط، ويزيد المسلمون بينهم على مليونين، وعدد المسلمين من جماعات الياو yao وحدها أكثر من مليون وربع مليون مسلم، ويوجد الإسلام بين باشنجا، وماكونزي، ومآلوا، وبين النيامويزي، (Nyamwezi) والسوكوما (Sukuma) والسومبوا (Sumbwa)، كما ينتشر الإسلام بين بانتو الشمال الشرقي، ومنهم نجيندو (Ngindo) وبوجورو (Pogoro) وزارامو (Zaeam) وشامبا (Sbambwa) وتيتا (Taita)، وينتشر الإسلامي بين قبائل الهيهي وجوجو، وألمويرا،
الإنتاج :
كيف وصل الإسلام تنزانيا؟
كان المسلمون على علاقة بهذه المنطقة منذ القرن الأول
الهجري، بدأت بعلاقات تجارية، ثم هجرة وتأسيس إمارات إسلامية، فلقد
ظهر إمارة لامو على الساحل الشرقي لأفريقيا شمال مدينة مومباسا في
نهاية القرن الأول الهجري، وهي أقدم الإمارات الإسلامية على ساحل
شرقي أفريقيا، وبدأت الإمارات الإسلامية تظهر على الساحل الأفريقي
إلى الجنوب من لامو، فكلما تقدمت هجرة إسلامية ظهرت إمارة جديدة.
فظهرت إمارات ماندي، وأوزي، وشاكه قرب دلتا نهر تانا في كينيا، كان هذا في مستهل القرن الرابع الهجري، وفي هذه الفترة ظهرت إمارة كلوا الإسلامية نتيجة هجرة من شيراز، وتوجد كلوا على ساحل تنجانيقا، وازدهرت كلوا في عهد الشيرازيين، ولا تزال بها أطلال مسجد يعود إلى هذه الفترة، وهكذا وصل الإسلام إلى الساحل الجنوبي من تنجانيقا في مستهل القرن الرابع الهجري، بل امتد إلى الجنوب حتى موزمبيق.
مناطق المسلمين : يتجمع المسلمون في تنزانيا في مناطق عديدة فالأغلبية العظمى من سكان جزيرتي بمبا وزنجبار مسلمة، وإقليم البحيرة (تنجانيقا )، وتتوما وفورا وتوشي تا اشة، وكذلك سكان مدينة دار السلام، وتبلغ نسبة المسلمين بها تسعين بالمائة، وكذلك ميناء تنجا، والمدينة التاريخية كلوا التي أسسها المسلمون في القرن الرابع الهجري تحفل بالمساجد والمدارس الإسلامية والغالبية المسلمة تتركز في النطاق الساحلي، وينتشر المسلمون في ولاية طابورة في الداخل وفي موشي، وكيجوما وأوجيجي، أما المساجد فتعد بالآلاف وكذلك المدارس الإسلامية، وكلها أقيمت بمجهودات ذاتية، حيث إن الدولة لا تدعم المؤسسات الدينية الإسلامية.
التحديات : بدأت مبكرة إثر سقوط الأندلس، ومحاولة التحالف الصليبي مع إثيوبيا، وأسهم في ذلك اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، وظهور سفن البرتغاليين في مياه المحيط الهندي، ونتج عن هذا التواجد حروب صليبية ضد الإسلام في شرقي أفريقيا، حسمها العمانيون بقهر البرتغاليين، ثم تفشت التحديات تحت ستار كشف مجاهل أفريقيا، وقدم المسلمون العون للمكتشفين (بحسن النية) فلقد قاد الأدلاء العرب قوافل المستكشفين أمثال بريتون وسبيك ولفنجستون وغيرهم، بل من المدهش أن دولة زنجبار هي التي فتحت لهؤلاء أبواب شرقي أفريقيا، وسهلت لهم مهمة التنقل، وربما حدث هذا لأن المستكشفين كانوا رواد حركة كشف المجاهل، ومما لا شك فيه أن حكام زنجبار لم يتصوروا أنهم يعرقلون انتشار الإسلام، ولقد شوه المستكشفون والمنصرون تاريخ المسلمين في شرقي أفريقيا لا سيما لفنجستون، فلقد خصص جزءًا هامًا من كتاباته للهجوم على العرب، وهذا يعود لكونه منصرًا قبل أن يكون مكتشفًا، ونسج على منواله الكثير من الأوربيين ممن كتبوا عن تاريخ شرقي أفريقيا، فألصقوا بالمسلمين تهما بشعة في ممارسة تجارة الرقيق، وتناسوا ملايين الأفريقيين الذين نقلهم الأسبان والبرتغاليون والبريطانيون والهولنديون إلى العالم الجديد، ومارسوا تجارة الرقيق قرونًا.
الهيئات والمؤسسات الإسلامية : من أبرز الهيئات الإسلامية المجلس الإسلامي الأعلى التنزاني، وتأسس في سنة 1387هـ - 1967م، وكان اسمه السابق: المجلس الأعلى لجميع مسلمي شرقي أفريقيا، حيث كان يضم مسلمي كينيا وتنزانيا وأوغندا، ثم اقتصر نشاطه على تنزانيا، ويشرف على المساجد، والمدارس الابتدائية، ويشمل نشاط المجلس إنشاء المساجد، (ولقد أقام حوالي 16 مدرسة متوسطة في أنحاء تنزانيا)،
بدأت فكرة إنشاء هذا المركز من منطلق علاقات المملكة العربية السعودية والهيئات الإسلامية بها بالصلات الإسلامية التي تربطها بالشعوب والتجمعات الإسلامية في أفريقيا، فأنشئ المركز في تنزانيا في سنة (1397هـ)، وأقيم في مبنى متواضع كمنحة من المجلس الإسلامي الأعلى التنزاني، ويضم مدرسة من عدة فصول، في مستوى المدارس المتوسطة، لإعداد التلاميذ للتدريس في المدارس الإسلامية بتنزانيا، أو لإعدادهم لتلقي الدراسات الإسلامية العليا في خارج تنزانيا، فهناك حوالي 80 طالبًا تنزانيًا بجامعات المملكة العربية السعودية، و 30 طالبًا بالسودان، و 10 بالأزهر، و5 طلاب بالجامعة الإسلامية بأم درمان.
بعد أن اطلعنا على المقدمة السابقة سنبدأ رحلتنا في مجموعة نقاط سريعة العاصمة الاقتصادية دار السلام وصلت أنا والأخ حمد العمار دار السلام ثالث أيام عيد الفطر المبارك من العام الهجري 1434هـ ودار السلام هي عاصمة تنزانيا السابقة، وتقع على الساحل الشرقي للدولة على المحيط الهندي. كانت تدعى سابقاً مزيزيما، وهي تعتبر أكبر مدينة في تنزانيا من حيث عدد السكان، إذ يعيش فيها بحسب إحصاء عام 2012 الرسمي 4,364,541 نسمة، كما إنَّها تعتبر أهم مركز اقتصاديّ بالبلاد. تشتهر دار السلام بنسبة نمو سكاني مرتفعة جداً، إذ إن عدد سكانها يزداد سنوياً بحوالي 5.6 بالمائة، وذلك يجعلها ثالث أسرع مدن أفريقيا نمواً سكانياً بعد لاغوس وباماكو. جعلت دار السلام إطلالتها على المحيط الهندي أهم مرفئ البلاد، حيث أنها نقطة عبور هامة للبضائع والمواد الأولية التي تصدرها البلاد من قطن وبن على وجه الخصوص. الصناعة بدار السلام غذائية بالأساس، إلا أن المدينة لا تخلو من بعض صناعات النسيج والاسمنت ومواد البناء وبعض صناعات الأدوية. معظم سكان مدينة دار السلام من المسلمين.
خريطة توضح مخطط الرحلة العام
صورة لأحد شوارع دار السلام .. وسط المدينة
أحد المستشفيات العامة بدار السلام
الشاطئ الرئيسي للمدينة ونلاحظ النمو العمراني الحديث
تجولنا اليوم الأول في أرجاء المدينة حيث بحثنا عن مكاتب تأجير للسيارات ، ولسوء الحظ كانت الأسعار مرتفعة جداً في تنزانيا مقارنة بكينيا ، لأسباب غير منطقة أعيدها إلى استغلال السائح وهيمنة فئة معينة على توجيه الرحلات السياحية ... بل إن رسوم دخول المحميات والمتنزهات الوطنية مرتفع جداً بشكل يزعج السائح .. مما يدعو إلى إجبار الكثير على الانضمام في مجموعات بدلا من أفراد قليلة.
وسوف نتعرف من خلال الرحلة على كثير من الحقائق التي رأينها عن طبيعة الأرض والحياة النباتية والحيوانية .. ومقارنتها ببراري كينيا
أترككم الآن مع بعض الصور من دار السلام
جولة على الشاطئ
طرق المواصلات جيدة
وحركة المرور سلسة
تجمع الكثير من السكان على ساحل المحيط
استمتاع بمنظر الأمواج
في أجزاء كثيرة الساحل عبارة عن جرف صخري
لطخته مخلفات النفط السوداء المنبعثة من البواخر
العديد من البواخر العملاق يمكن مشاهدتها تعبر المحيط في الأفق البعيد
الشاعر حمد العمار مشاركاً الجميع بهجتهم وفرحتهم بعيد الفطر المبارك
الباعة المتجولون يطوفون الأرجاء
أشجار جوز الهند تلاعب رياح الهندي العليلة
الكل فرح بما رزقه الله
أحد المنازل المطلة على المحيط خاوياً في صمت الهجران
تابع
الطريق من دار السلام إلى أروشا
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات اضغط هنا للعودة إلى الصفحة الرئيسة
|